السيد‭ ‬الحبيب‭ ‬حاجي

 رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬الدفاع عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان

كلمة‭ ‬السيد‭ ‬رئيس جمعية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان

تحية‭ ‬النضال‭ ‬والصمود‭ ‬لكل‭ ‬الرفيقات‭ ‬والرفاق‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

تحية‭ ‬محبة‭ ‬وتقدير‭ ‬وامتنان‭ ‬لممثلات‭ ‬ولممثلي‭ ‬الإطارات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والسياسية‭ ‬والنقابية‭ ‬والجمعوية‭ ‬والشخصيات‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تشاركنا‭ ‬في‭ ‬نضالاتنا‭ ‬الحقوقية‭ ‬ومحطاتنا‭ ‬المطلبية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

تحتل‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬مكانة‭ ‬مركزية‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬خولت‭ ‬المادة‭ ‬71‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬إمكانية‭ ‬مشاركة‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬أشغاله‭. ‬وينبع‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمكانة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬الفلسفة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬عليها‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظومتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عقب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬قواعد‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬للناس‭ ‬جميعا‭ ‬ومناهضة‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬البشر‭.‬

وقد‭ ‬كرست‭ ‬المواثيق‭ ‬والإعلانات‭ ‬الدولية‭ ‬مكانة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وأرست‭ ‬أسس‭ ‬التفاعل‭ ‬معه‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منظومة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مادتيه‭ ‬19‭ ‬و‭ ‬20‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬وتأسيس‭ ‬الجمعيات‭ ‬والانضمام‭ ‬إليها،‭ ‬كما‭ ‬نص‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬مادتيه‭ ‬21‭ ‬و‭ ‬22‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التجمع‭ ‬السلمي‭ ‬وتكوين‭ ‬الجمعيات‭ ‬وإنشاء‭ ‬النقابات‭ ‬والانضمام‭ ‬إليها‭.‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬موقعها،‭ ‬كطرف‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحكومات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الوطنية،‭ ‬اضطلعت‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بأدوار‭ ‬ريادية‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬أوضاع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الأطر‭ ‬المعيارية‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬وفي‭ ‬تطوير‭ ‬الآليات‭ ‬الأممية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بهذه‭ ‬الأدوار‭ ‬وتأكيد‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬أدوار‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬عدد‭ ‬60‭/‬251‭ ‬المحدث‭ ‬لمجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2006‭ ‬والذي‭ ‬أتاح‭ ‬إشراك‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬كمراقب‭ ‬في‭ ‬أشغال‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬

وانسجاما‭ ‬مع‭ ‬الانخراط‭ ‬المبكر‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الأممية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الشكلي‭ ‬بالمصادقة‭ ‬أو‭ ‬المصادقة‭ ‬الناقصة‭ ‬بالتحفظ‭ ‬أو‭ ‬التنصيص‭ ‬عليها‭ ‬قانونا‭ ‬ودستورا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬منفذا‭ ‬للتطبيق،‭ ‬واختيارها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للتعددية‭ ‬السياسية‭ ‬ولو‭ ‬بأعطاب،‭ ‬وحرية‭ ‬الفعل‭ ‬المدني‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬المقاس،‭ ‬كما‭ ‬كرسها‭ ‬إصدار‭ ‬ظهير‭ ‬الحريات‭ ‬العامة‭ ‬لسنة‭ ‬1958،‭ ‬لعبت‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬أدوارا‭ ‬طلائعية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬محطات‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب‭ ‬الحقوقي،‭ ‬وهي‭ ‬أدوار‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬دسترة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬سنة‭ ‬2011،‭ ‬وفق‭ ‬التزامات‭ ‬المملكة،‭ ‬وتقوية‭ ‬الإطار‭ ‬المؤسساتي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والرقي‭ ‬دستوريا‭ ‬بالقضاء‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬مستقلة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬أدوار‭ ‬ومكانة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تنمية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التشاركية،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المواطنة‭ ‬والتشاركية‭ ‬بمثابة‭ ‬أحد‭ ‬ركائز‭ ‬النظام‭ ‬الدستوري‭ ‬للمملكة،‭ ‬وينص‭ ‬الفصل‭ ‬12‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الجمعيات‭ ‬المهتمة‭ ‬بالشأن‭ ‬العام‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التشاركية‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬قرارات‭ ‬ومشاريع‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المنتخبة‭ ‬والسلطات‭ ‬العمومية،‭ ‬وكذا‭ ‬في‭ ‬تفعيلها‭ ‬وتقييمها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬دولي‭ ‬خاص،‭ ‬تتطلع‭ ‬فيه‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬رهان‭ ‬فاعلية‭ ‬الحقوق‭ ‬للفئات‭ ‬الهشة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬لازالت‭ ‬تشوبه‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬وتقليص‭ ‬نسب‭ ‬الفقر‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬الجديد‭ ‬لتفشي‭ ‬داء‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬عالمي‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ينتهك‭ ‬حقوق‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظرفية‭ ‬وطنية‭ ‬بالغة‭ ‬الحساسية،‭ ‬نسجل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬انكباب‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬الدؤوب‭ ‬لبلورة‭ ‬نموذج‭ ‬اقتصادي‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الحالي‭ ‬بإقرار‭ ‬أعلى‭ ‬سلطة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬وانشغالات‭ ‬الأفراد‭ ‬والهيئات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬تنمية‭ ‬اقتصادية‭ ‬داعمة‭ ‬لفاعلية‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬للأفراد‭ ‬ومكرسة‭ ‬للمساواة‭ ‬بينهم‭. ‬هذا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مخالفة‭ ‬الجمعية‭ ‬للمبادرة‭ ‬والسياق‭ ‬والاليات،‭ ‬وذلك‭ ‬لمخالفتها‭ ‬مقتضيات‭ ‬إعلان‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬شمولية‭ ‬وتكامل‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬التنمية‭ ‬على‭ ‬إعمال‭ ‬منظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬وفي‭ ‬تكاملها‭ ‬ومجموعها‭ ‬والتي‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬الجيد‭ ‬المنتج‭ ‬الالزامي‭ ‬المتاح‭ ‬المجاني‭ ‬الموحد‭ ‬العقلاني‭ ‬وتوفير‭ ‬الامكانيات‭ ‬المادية‭ ‬والعلمية‭ ‬لذلك،‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬لتحقيق‭ ‬الناصفة‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الجهل‭ ‬والامية‭ ‬والاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬العلمي‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬المعرفي‭ ‬العالمي‭.‬

كما‭ ‬تختلف‭ ‬الجمعية‭ ‬مع‭ ‬المبادرة‭ ‬لربطها‭ ‬بلجنة‭ ‬زاغت‭ ‬في‭ ‬نظرنا‭ ‬عن‭ ‬المنطقات‭ ‬الحقوقية‭ ‬في‭ ‬تهييء‭ ‬مشروع‭ ‬النموذج‭ ‬المرتقب‭. ‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذين‭ ‬السياقين‭ ‬الوطني‭ ‬والدولي‭ ‬تعقد‭ ‬جمعية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬مؤتمرها‭ ‬السادس‭ ‬المخلد‭ ‬للذكرى‭ ‬العشرين‭ ‬لتأسيسها‭ ‬مستحضرة‭ ‬مواكبتها‭ ‬لفترة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬بلادنا‭ ‬الحقوقي،‭ ‬عنوانها‭ ‬التدافع‭ ‬والصراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬وترسيخ‭ ‬مجتمع‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬قوى‭ ‬الحداثة‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وترجمة‭ ‬إرادة‭ ‬الدولة‭ ‬المصرح‭ ‬بها‭ ‬كنوايا،‭ ‬وطموحات‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬أسس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬بعد‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحة‭ ‬عمودية‭ ‬وملكية‭ ‬برلمانية‭.‬

وهي‭ ‬فترة‭ ‬كذلك‭ ‬سجلت‭ ‬فيها‭ ‬بلادنا‭ ‬تجربة‭ ‬حكومة‭ ‬التناوب‭ ‬سنة‭ ‬1998،‭ ‬رغم‭ ‬کونه‭ ‬تناوبا‭ ‬ممنوحا‭ ‬بدليل‭ ‬التراجع‭ ‬عنه‭ ‬بسرعة‭ ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬فرصة‭. ‬المهم‭ ‬كان‭ ‬اعترافا‭ ‬سياسيا‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬قمة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بضرورة‭ ‬التناوب‭ ‬بتجاوز‭ ‬الاسوأ‭ ‬واعترافا‭ ‬بأهمية‭ ‬القوى‭ ‬الدمقراطية‭ ‬الوطنية‭ ‬الحداثية‭ ‬في‭ ‬الاستقرار‭ ‬وتدبير‭ ‬الشأن‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬السكتة‭ ‬القلبية‭ ‬وتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الحقوقي‭…‬

هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إجراء‭ ‬تقييم‭ ‬ال‭ ‬50‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الاستقلال،‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬تشخيص‭ ‬الخصاص‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬وضرورة‭ ‬إعمال‭ ‬الحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والبيئية‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬الحدود‭ ‬الدنيا‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬محيد‭ ‬عنها‭.‬

كما‭ ‬تميزت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بإحداث‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬المستقلة‭ ‬لتعويض‭ ‬ضحايا‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إحداث‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬سنة‭ ‬2004‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬إرساء‭ ‬دعائم‭ ‬تجربة‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية،‭ ‬وتوجت‭ ‬أعمالها‭ ‬بإصدار‭ ‬تقرير‭ ‬تضمن‭ ‬توصيات‭ ‬تخص‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والنهوض‭ ‬بها‭ ‬والتأسيس‭ ‬لمناهضة‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬ولسياسة‭ ‬جنائية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬هذا‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬خالفت‭ ‬جمعيتنا‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬أنذاك‭ ‬وأعلنت‭ ‬موقف‭ ‬اللامصالحة‭ ‬والإنصاف‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬معطيات‭ :‬

  • ‬فواقعيا‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬انحرفت‭ ‬التجربة‭ ‬عن‭ ‬الأهداف‭ ‬الحقوقية‭ ‬ولم‭ ‬تحدث‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬المادي‭ ‬للحقوق‭ ‬لانعدام‭ ‬مؤشرات‭ ‬الانتقال‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والعدالة‭ ‬الانتقالية‭.‬

  • ‭‬غياب‭ ‬أطراف‭ ‬المصالحة‭ ‬كلهم‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الشهداء‭ ‬والمختطفين‭ ‬المعتبرين‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المغتالين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يمثلهم‭ ‬في‭ ‬المصالحة‭ ‬وفي‭ ‬الإنصاف‭ ‬إلا‭ ‬بعقاب‭ ‬الجاني‭ ‬مساهما‭ ‬ومشاركا‭_ ‬وبدون‭ ‬إعمال‭ ‬السلطة‭ ‬الملاءمة‭_ ‬عقابا‭ ‬قضائيا‭ ( ‬بقضاء‭ ‬مستقل‭ ‬ونزيه‭ ) ‬لا‭ ‬موالاة‭ ‬فيه‭ ‬الجانب‭ ‬الجاني،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬التعويض‭ ‬الذي‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يمثلهم‭ ‬فيه‭. ‬ونقول‭ ‬التعويض‭ ‬المادي‭ ‬وليس‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭.‬

  • ‬غياب‭ ‬الجاني‭ ‬المنتهك‭ ‬المساهم‭ ‬والمشارك‭ ‬في‭ ‬الانتهاكات‭ ‬موضوع‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬الذي‭ ‬غيبته‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬لحمايتهم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬وتركهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالامتيازات‭ ‬التي‭ ‬منحتها‭ ‬الدولة‭ ‬لهم‭ ‬سواء‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬المعنوية‭ ‬او‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المناصب‭ ‬الإدارية‭ ‬والسياسية‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬يحتلونها‭.‬‭. ‬و‭ ‬لإخفاء‭ ‬أسمائهم‭ ‬بعدم‭ ‬مطالبتهم‭ ‬بالكلام‭ ‬والقرار‭ ‬بالافعال‭ ‬وطلب‭ ‬الصفح‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭.‬

  • من‭ ‬هنا‭ ‬انبنی‭ ‬موقف‭ ‬‮«‬لا‭ ‬مصالحة‮»‬‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬اطرافه‭ ‬الأساسيين‭ ‬الجاني‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬والشهداء‭ ‬والمختطفين‭.. ‬إقصاء‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬التعويض‭ ‬والمصالحة‭ ‬لكونهم‭ ‬ضحايا‭ ‬انتهاكات‭ ‬ثابتة‭ ‬وصارخة‭ ‬للمحاكمة‭ ‬العادلة‭ ‬وللحرية‭ ‬وللصحة‭ ‬ومواصلة‭ ‬الدراسة‭ ‬وجودة‭ ‬الحياة‭ ‬مستقبلا‭..‬

  • ‬غياب‭ ‬الشعب ‭ )‬الهيئات‭ ‬المناضلة‭ ‬الحقوقية‭ ‬والمدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬والنقابية‭ ( ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يعوض‭ ‬الا‭ ‬بإقرار‭ ‬حقيقي‭ ‬ومادي‭ ‬لدولة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ / ‬الدمقراطية‭.‬

  • ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الإرهابيين‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬وتشويه‭ ‬مسار‭ ‬المصالحة‭ ‬والانصاف‭ ‬وتعويض‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬بل‭ ‬المفلتين‭ ‬أنذاك‭ ‬وحاليا‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬بالتزوير‭ ‬والكذب‭ ‬وبغظ‭ ‬الطرف‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬ومن‭ ‬أعضاء‭ ‬هيأة‭ ‬التعويض‭ ‬الرسمية‭ ‬عن‭ ‬التزوير‭ ‬والكذب‭ ‬وصنع‭ ‬وقائع‭ ‬كاذبة‭ ‬وشهادات‭ ‬غير‭ ‬منسجمة‭ ‬مع‭ ‬التاريخ‭. ‬وهنا‭ ‬نخص‭ ‬بالذكر‭ ‬حالة‭ ‬الإرهابيين‭ ‬حامي‭ ‬الدين‭ ‬واحمد‭ ‬الريسوني‭ ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬شهادة‭ ‬مزورة‭ ‬مخالفة‭ ‬لتاريخ‭ ‬تأسيس‭ ‬التنظيم‭ ‬المعلن‭ ‬انتماء‭ ‬الإرهابي‭ ‬حامي‭ ‬الدين‭ ‬ورئيس‭ ‬احمد‭ ‬الريسوني‭.‬

أما‭ ‬الأول‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬بین‭ ‬المساهمين‭ ‬في‭ ‬اغتيال‭ ‬ایت‭ ‬الجيد‭ ‬محمد‭ ‬الملقب‭ ‬حركيا‭ ‬ببنعيسى‭ ‬شهيد‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والثقافية‭ ‬واليسار‭ ‬والشعب‭ ‬المغربي،‭ ‬و‭ ‬ضحية‭ ‬انتهاك‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بشكل‭ ‬فظيع‭ ‬والذي‭ ‬تتحمل‭ ‬فيه‭ ‬الدولة‭ ‬قسطا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتحدث‭ ‬عنه‭ ‬حركة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭.‬

كما‭ ‬عرفت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬إصدار‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬صراعا‭ ‬بين‭ ‬قوی‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬واعدائها‭ ‬والدولة‭ ‬وانتهت‭ ‬بتحكيم‭ ‬ملكي‭ ‬ممثلا‭ ‬للدولة‭ )‬القوى‭ ‬المناضلة‭ ‬حقوقيا‭ ‬ومدنيا‭ ‬ونقابيا‭ ‬وسياسيا‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ( ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬ذا‭ ‬طابع‭ ‬مجتمعي‭ ‬وميداني‭ ‬عبر‭ ‬المسيرات‭ ‬والوقفات‭ ‬والندوات‭.. ‬وصل‭ ‬حد‭ ‬التكفير‭ ‬والتهديد‭ ‬بالعنف‭ ‬الاستراتيجي‭. ‬ورغم‭ ‬التحكيم‭ ‬الملكي‭ ‬فقد‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬للبرلمان‭ ‬كفضاء‭ ‬تمثيلي‭ ‬للتقرير‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مما‭ ‬فتح‭ ‬الأفق‭ ‬لفتح‭ ‬نقاش‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬لتطويرها‭ ‬والنهوض‭ ‬بها‭ ‬و‭ ‬بالأسرة‭ ‬وحماية‭ ‬الطفولة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعديل‭ ‬قانون‭ ‬الجنسية‭ ‬الذي‭ ‬أزال‭ ‬عائقا‭ ‬أمام‭ ‬الأم‭ ‬المغربية‭ ‬لعيش‭ ‬حياتها‭ ‬وحياة‭ ‬أبنائها‭ ‬من‭ ‬أجانب‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬طبيعي‭ ‬بالتمتع‭ ‬بالجنسية‭ ‬المغربية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الأبناء‭.‬

و‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة،‭ ‬رغم‭ ‬التعديلات‭ ‬وحجم‭ ‬الصراع‭ ‬المتخذ‭ ‬بشأنها‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد‭ ‬فإن‭ ‬التعديل‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬هو‭ ‬إقرار‭ ‬النسب‭ ‬لابن‭ ‬الخطوبة‭ ‬وعدم‭ ‬اعتباره‭ ‬ابن‭ ‬الزنى‭. ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬البنوة‭ ‬البيولوجية‭ ‬والشرعية‭ ‬واستمرار‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬في‭ ‬الإرث‭ ‬والزواج‭ ‬والطلاق‭ ‬والولاية‭ ‬والنيابة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬البند‭ ‬32‭ ‬من‭ ‬الدستور‭) ‬دستور‭ (‬2011‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الانتهاكات‭ ‬لحقوق‭ ‬الاطفال‭ ‬والأمهات‭ ‬حيث‭ ‬له‭ ‬انعكاسات‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬القوانين‭ ‬الدنيا‭ ‬ووجب‭ ‬تعديله‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬تميزت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬أيضا‭ ‬بإحداث‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬للاتصال‭ ‬السمعي‭ ‬البصري‭ ‬والمعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للثقافة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬وديوان‭ ‬المظالم‭ / ‬الوسيط‭ ‬حاليا‭ ‬وإعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬المجلس‭ ‬الاستشاري‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬طبقا‭ ‬لمبادئ‭ ‬باريس‭ ‬الناظمة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬ونفس‭ ‬الشيء‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تتوخى‭ ‬رفع‭ ‬الظلم‭ ‬والعلاقات‭ ‬الفاسدة‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭ ‬ظلت‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إنتاج‭ ‬الفعل‭ ‬الايجابي‭ ‬وبالمردود‭ ‬الحقوقي‭ ‬اللهم‭ ‬إحصاء‭ ‬حجم‭ ‬الشكايات‭ ‬والتظلمات،‭ ‬كما‭ ‬ظلت‭ ‬توصياتها‭ ‬وتقاريرها‭ ‬غير‭ ‬مؤثرة‭ ‬على‭ ‬مراكز‭ ‬القرار‭ ‬كباقي‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬وغير‭ ‬ظاهرة‭ ‬للمتتبع‭ ‬وغيرملموسة‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭.‬

وبدسترته‭ ‬للتوصيات‭ ‬الوجيهة‭ ‬لهيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬وتكريسه‭ ‬لبعض‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية‭ ‬واعتبار‭ ‬الديمقراطية‭ ‬خيارا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬واعتماد‭ ‬تصور‭ ‬جديد‭ _‬وإن‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬المطلوب‭_ ‬لفصل‭ ‬السلط‭ ‬المكرس‭ ‬للتوازن‭ ‬والتعاون‭ ‬بينها،‭ ‬وصيانته‭ ‬الهوية‭ ‬المغربية‭ ‬بكل‭ ‬مكوناتها‭ ‬وروافدها‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الهوية‭ ‬الأمازيغية‭ ‬ورافدها،‭ ‬شكل‭ ‬اعتماد‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬محطة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب‭ ‬الحقوقي،‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬تنزيل‭ ‬بعضه‭ ‬المرغوب‭ ‬فيه‭ ‬وتعديل‭ ‬البعض‭ ‬الاخر‭ ‬وحذف‭ ‬آخر‭ ‬وتطعيمه‭ ‬بحقوق‭ ‬أخرى‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬واقع‭ ‬مغربي‭ ‬معهود،‭ ‬ما‭ ‬يميزه‭ ‬هومزيد‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬السياسية‭ ‬والمؤسساتية‭ ‬وغياب‭ ‬المؤسسات،‭ ‬فلا‭ ‬الحكومة‭ ‬حكومة‭ ‬ولا‭ ‬البرلمان‭ ‬برلمان‭ ‬ولا‭ ‬الأحزاب‭ ‬أحزاب،‭ ‬انتخابات‭ ‬مزورة‭ ‬انتخبت‭ ‬برلمانا‭ ‬دون‭ ‬محتوى‭ ‬وحكومة‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬لها‭ ‬بالبرلمان،‭ ‬أي‭ ‬غياب‭ ‬الآليات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬إحدى‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والتي‭ ‬تبين‭ ‬انعدام‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬بالمغرب‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بشأن‭ ‬الوضع‭ ‬العام‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬فهو‭ ‬يشغل‭ ‬مكانا‭ ‬وموقعا‭ ‬مركزيا‭ ‬ومحوريا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ويعتبر‭ ‬أمرا‭ ‬أساسيا‭ ‬لضمان‭ ‬ممارسة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأخرى،‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬يعزز‭ ‬الحريات‭ ‬والقدرات‭ ‬الفردية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يعود‭ ‬أيضا‭ ‬بفوائد‭ ‬إنمائية‭ ‬مهمة‭ ‬ومتعددة‭.‬

فالإتفاقيات‭ ‬والمعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬تحدد‭ ‬الالتزامات‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬والوطنية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بضمان‭ ‬إعمال‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعليم‭:‬

  • ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭: ‬يشير‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬26‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أن‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬التعليم‭ ‬بالمجان‭…‬‮»‬‭.‬

  • ‬العهد‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬13‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬تقر‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬توجيهه‭ ‬إلى‭ ‬الإنماء‭ ‬الكامل‭ ‬للشخصية‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحس‭ ‬بكرامتها،‭ ‬وإلى‭ ‬توطيد‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية‮»‬‭.‬

  • ‬اتفاقية‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل‭ ‬وغيرها‭.‬

هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬تعزز‭ ‬وتأطر‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬باختلاف‭ ‬لونه‭ ‬ومكانته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والدين‭ ‬الذي‭ ‬يعتنقه‭… ‬إلخ‭ ‬في‭ ‬الانتفاع‭ ‬بتعليم‭ ‬جيد‭ ‬النوعية‭ ‬بدون‭ ‬تمييز‭ ‬أواستعباد،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدات‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬هي‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬الكبير‭ ‬للمنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعمال‭ ‬وتنزيل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وتفرض‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬أن‭ ‬تفي‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬على‭ ‬السواء‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوفير‭ ‬تعليم‭ ‬للجميع‭ ‬يتسم‭ ‬بالجودة،‭ ‬وأن‭ ‬تقوم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ومراقبة‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬التعليمية‭ ‬على‭ ‬نحوأكثر‭ ‬فعالية‭.‬

بين‭ ‬الأمس‭ ‬واليوم،‭ ‬نجد‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬والحسرة،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬التقارير‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬والرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭ ‬ترسم‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬سوداوية‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬التعليم‭ ‬المغربي،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تضع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬متأخرة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المؤشرات‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وإفريقية‭ ‬عديدة‭.‬

فبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الاستقلال،‭ ‬ شهد‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬ستة ‭ ‬إصلاحات كبرى‭ ‬صرفت‭ ‬عليها‭ ‬الملايير‭ ‬والملايير،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بينها‭ ‬هو الفشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المعلنة‭ ‬والمغامرة‭ ‬والمتاجرة‭ ‬بمصير‭ ‬شبابنا‭ ‬ومستقبل‭ ‬الوطن‭ ‬بسبب‭ ‬تحكم‭ ‬واستبداد‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬وتغييب‭ ‬القرار‭ ‬التربوي‭ ‬وأيضا‭ ‬الافتقار‭ ‬لفلسفة‭ ‬تربوية‭ ‬واضحة‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬نظرية‭ ‬تربوية‭ ‬معاصرة‭ ‬ووطنية‭ ‬تخط‭ ‬مسار‭ ‬التعليم‭ ‬وتضع‭ ‬معالم‭ ‬الطريق‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إرساء‭ ‬تعليم‭ ‬شعبي‭ ‬ديمقراطي‭ ‬ذو جودة‭ ‬وموحد‭.‬

وكمسك‭ ‬للختام‭ ‬فلازال‭ ‬دستور‭ ‬المغرب‭ ‬وقوانينه‭ ‬ودوريات‭ ‬إداراته‭ ‬وممارساته‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالنصوص،‭ ‬و‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تحقق،‭ ‬ورغم‭ ‬المجهودات،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬أسس‭ ‬حقيقية‭ ‬لاحترام‭ ‬نصف‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬الذي‭ ‬لازال‭ ‬ينتهك‭ ‬بشكل‭ ‬مؤسسات‭.  ‬