الرصد‭ ‬والتصدي‭ ‬لانتهاكات حقوق‭ ‬الإنسان حالة‭ ‬مثليي‭ ‬بني‭ ‬ملال

بعد‭ ‬حوادث‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬فتاتي‭ ‬إنزكان،‭ ‬مثلي‭ ‬فاس،‭ ‬فتاة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬فتاة‭ ‬طنجة‭ ‬واعتداءات‭ ‬أخرى‭ ‬بمدينة‭ ‬سلا‭. ‬إستفاق‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬حادثة‭ ‬جديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬كذلك‭ ‬بالتضييق‭ ‬على‭ ‬الحريات‭ ‬الشخصية‭.‬‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تابعناها‭ ‬في‭ ‬فيديو‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬اليوتوب‭ ‬ومواقع‭ ‬إلكترونية‭ ‬أخرى‭ ‬وكذا‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬هذا‭ ‬الفيديو‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العنف،‭ ‬إذ‭ ‬يظهر‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬اعتداء‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬على‭ ‬شابين‭ ‬مثليين‭ ‬داخل‭ ‬أحد‭ ‬البيوت‭ ‬بالضرب‭ ‬والجرح‭ ‬وكذا‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬الإبقاء‭ ‬عليهما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عري،‭ ‬بل‭ ‬وتعمد‭ ‬إخراج‭ ‬أحدهما‭ ‬عار‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬البيت‭ ‬ريثما‭ ‬تحضر‭ ‬الشرطة‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬الواقعة‭.‬‭ ‬

هكذا،‭ ‬وبعد‭ ‬تتبعنا‭ ‬لتفاصيل‭ ‬هذا‭ ‬الفيديو‭ ‬واطلاعنا‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬وحجم‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬هاذان‭ ‬الشابان،‭ ‬سواء‭ ‬العنف‭ ‬المادي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الاحتجاز‭ ‬والضرب‭ ‬والجرح‭ ‬وحتى‭ ‬العنف‭ ‬المعنوي‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬السب‭ ‬والقذف‭ ‬والإهانة‭ ‬وكذا‭ ‬التشهير‭. ‬لاحظنا‭ ‬بداية‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬يمارسون‭ ‬حرياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬قد‭ ‬توالت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إصدار‭ ‬بيان‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والحريات‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬يُذكّر‭ ‬جميع‭ ‬المواطنين‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬فعل‭ ‬يهدف‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬محل‭ ‬العدالة‭ ‬أو‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬يعتبر‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬البتة،‭ ‬وبأن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يلاحظون‭ ‬أي‭ ‬خرق‭ ‬للقانون‭ ‬مطالبون‭ ‬بتبليغ‭ ‬السلطات‭ ‬القضائية‭ ‬أو‭ ‬مصالح‭ ‬الشرطة‭ ‬أو‭ ‬الدرك‭ ‬الملكي‭ ‬فورا‭ ‬للقيام‭ ‬بالتدابير‭ ‬القانونية‭ ‬اللازمة‭ ‬لفرض‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭. ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬محل‭ ‬العدالة‭ ‬ستتم‭ ‬متابعتهم‭ ‬أمام‭ ‬المصالح‭ ‬القضائية‭ ‬المختصة‭ ‬وفق‭ ‬المقتضيات‭ ‬القانونية‭ ‬الجاري‭ ‬بها‭ ‬العمل‭.‬

قراءة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والحريات‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية

إن‭ ‬توالي‭ ‬جرائم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬الممارسين‭ ‬لحرياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إصدار‭ ‬البيان‭ ‬أعلاه‭ ‬يعزز‭ ‬موقفنا‭ ‬السابق‭ ‬إزاء‭ ‬هذا‭ ‬الأخير،‭ ‬والذي‭ ‬اعتبرناه‭ ‬في‭ ‬عمقه‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬يلاحظها‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتدين‭ ‬هي‭ ‬أفعال‭ ‬جرمية،‭ ‬لكن‭ ‬فقط‭ ‬يتعين‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتركوا‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مرتكبيها‭ ‬للمصالح‭ ‬المختصة،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يردع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتدين،‭ ‬بل‭ ‬سيدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬(شرع‭ ‬اليد)‭ ‬ مادامت‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬مجرمة‭.‬‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬جرميتها‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬فتاتي‭ ‬إنزكان‭ ‬وعلى‭ ‬مثلي‭ ‬فاس،‭ ‬وكذا‭ ‬ورود‭ ‬هذا‭ ‬التعبير‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬وبأن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يلاحظون‭ ‬أي‭ ‬خرق‭ ‬للقانون‭…‬‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬يؤكد‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي‭ – ‬أي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬أسقطناه‭ ‬على‭ ‬الحادثتين‭ ‬اللتين‭ ‬سبقتاه‭ ‬وشكلتا‭ ‬سياق‭ ‬صياغته‭ ‬وروده‭ – ‬أن‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬أصحابها‭ ‬هي‭ ‬خرق‭ ‬للقانون‭. ‬وعليه‭ ‬فهذا‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬يردع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتدين‭ ‬المتطرفين‭ ‬سيدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬تكرير‭ ‬الاعتداءات‭ ‬بدعوى‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬أفعال‭ ‬مجرمة‭ ‬قانونا،‭ ‬وبذلك‭ ‬فهم‭ ‬حسب‭ ‬تصورهم‭ ‬وتزكيته‭ ‬بهذا‭ ‬البيان‭ ‬الرسمي‭ ‬يمارسون‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬مرتكبي‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬حسب‭ ‬تصورهم‭ ‬طبعا‭ ‬وفي‭ ‬معاقبتهم‭ ‬بحجة‭ ‬حفاظهم‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬على‭ ‬الدين،‭ ‬على‭ ‬القيم،‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬المجتمعية‭ ‬السائدة‭…‬إلخ؛‭ ‬أي‭ ‬بدافع‭ ‬عقائدي‭.‬

وهكذا،‭ ‬فهم‭ ‬واقعيا‭ ‬يزاولون‭ ‬مهام‭ ‬الضابطة‭ ‬القضائية‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬التلبس،‭ ‬بل‭ ‬ويخيل‭ ‬لهم‭ ‬أنهم‭ ‬يمثلون‭ ‬محاكم‭ ‬الدولة،‭ ‬فنراهم‭ ‬يحاكمون‭ ‬وينزلون‭ ‬العقوبات‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬ضحاياهم،‭ ‬والأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فهم‭ ‬يتجاوزون‭ ‬سلط‭ ‬الاعتقال‭ ‬والمحاكمة‭ ‬إلى‭ ‬التعذيب‭ ‬والتهديد‭ ‬والسب‭ ‬والقذف‭ ‬والتجريد‭ ‬من‭ ‬الملايس‭ ‬والمس‭ ‬بالكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والابتزاز‭… ‬إلخ‭.‬

قراءة‭ ‬في‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مثليي‭ ‬بنى‭ ‬ملال‭:‬

نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الاعتداءات‭ ‬تفوق‭ ‬في‭ ‬شكلها‭ ‬وفي‭ ‬ظروفها‭ ‬وفي‭ ‬حدتها‭ ‬جرائم‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭. ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الاعتداء‭ ‬الذي‭ ‬يمس‭ ‬بالحريات‭ ‬الشخصية،‭ ‬وهي‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬تسمى‭ ‬اضطهادا‭. ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬تجريم‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬وإدخاله‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬الأفعال‭ ‬المجرمة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬كجريمة‭ ‬لها‭ ‬صبغة‭ ‬جنائية‭ ‬وليست‭ ‬جنحية‭.‬

فما‭ ‬رأيناه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيديو‭ ‬وفي‭ ‬فيديوهات‭ ‬سابقة‭ ‬للاعتداء‭ ‬على‭ ‬فتاة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬وعلى‭ ‬فتاتي‭ ‬إنزكان‭ ‬وعلى‭ ‬فتاة‭ ‬بطنجة‭ ‬وعلى‭ ‬مثلي‭ ‬فاس‭ ‬واعتداءات‭ ‬أخرى‭ ‬بسلا‭ ‬هو‭ ‬اضطهاد،‭ ‬والجاني‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬فيه‭ ‬اعتداؤه‭ ‬إلى‭ ‬القتل‭.‬‭ ‬فهو‭ ‬يعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬مدافع‭ ‬عن‭ ‬توجهه‭ ‬العقائدي‭ ‬والأدهى‭ ‬أنه‭ ‬يعتبره‭ ‬التوجه‭ ‬العقدي‭ ‬للمجتمع‭ ‬ككل،‭ ‬هكذا‭ ‬فهو‭ ‬ينصب‭ ‬نفسه‭ ‬مدافعا‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬يتعرضون‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الاعتداءات‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬حدود‭ ‬عقابهم‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الموت‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ينطوي‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مثليي‭ ‬بني‭ ‬ملال‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬الجرمية‭ ‬بدء‭ ‬من‭ ‬اقتحام‭ ‬مسكن‭ ‬الغير‭ ‬واحتجازه‭ ‬ثم‭ ‬تعذيبه،‭ ‬وهاذان‭ ‬لهما‭ ‬وصف‭ ‬جنائي‭ ‬يتجاوز‭ ‬التحرش‭ ‬أو‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬فتاتي‭ ‬إنزكان،‭ ‬كما‭ ‬يتشكل‭ ‬هذا‭ ‬الاعتداء‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬أخرى‭ ‬كالساب‭ ‬والقذف‭ ‬والمس‭ ‬بالكرامة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬شخصين‭ ‬يمارسان‭ ‬حريتهما‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬مغلق‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬ولا‭ ‬يمس‭ ‬أحدا‭ ‬بأذى‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التنصيص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬1،‭ ‬إذ‭ ‬‮«‬يحدد‭ ‬التشريع‭ ‬الجنائي‭ ‬أفعال‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬يعدها‭ ‬جرائم‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تحدثه‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬اجتماعي‭ ‬ويوجب‭ ‬زجر‭ ‬مرتكبيها‭ ‬بعقوبات‭ ‬أو‭ ‬تدابير‭ ‬وقائية‮»‬‭. ‬فكيف‭ ‬لفعل‭ ‬ممارس‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬مغلق‭ ‬ولا‭ ‬يلحق‭ ‬أذى‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬اضطرابا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وبالتالي‭ ‬أن‭ ‬يستلزم‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العقاب؟

وعليه،‭ ‬حري‭ ‬بالذكر‭ ‬بأن‭ ‬ممارسة‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬مساس‭ ‬بالمجتمع‭. ‬فهو‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬هذه‭ ‬الحرية،‭ ‬فذلك‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬عنف‭ ‬تجاه‭ ‬الآخر‭ ‬ولا‭ ‬إصرار‭ ‬لجره‭ ‬إليها،‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تتسم‭ ‬بالطابع‭ ‬الشخصي‭ ‬المحض‭ ‬وبارتباطها‭ ‬بشخصية‭ ‬المرء‭ ‬وبميولاته‭ ‬وبرغباته‭ ‬وبأفكاره‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬ما‭ ‬يشنه‭ ‬بعض‭ ‬المتطرفين‭ ‬من‭ ‬اعتداءات‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬يمارسون‭ ‬حرياتهم‭ ‬الشخصية،‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مساس‭ ‬بهؤلاء‭ ‬وكذا‭ ‬بالمجتمع‭ ‬ككل‭. ‬فمثلا‭ ‬بعد‭ ‬واقعة‭ ‬فتاتي‭ ‬إنزكان‭ ‬أصبح‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬يخشين‭ ‬الظهور‭ ‬بملابس‭ ‬قد‭ ‬تعرضهن‭ ‬لما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬فتاتي‭ ‬التنورة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬مثلي‭ ‬فاس‭ ‬جعل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المثليين‭ ‬يتخوفون‭ ‬من‭ ‬الظهور‭ ‬والتجول‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العام‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬مصير‭ ‬مثلي‭ ‬فاس،‭ ‬والأكثر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬فالمجتمع‭ ‬ككل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬هاته‭ ‬التصنيفات‭ ‬(يعني‭ ‬المثليين‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬المتحررات)‭ ‬ أصبح‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬المجتمع‭- ‬يخشى‭ ‬التعرض‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬بعض‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬يزاولون‭ ‬تقريبا‭ ‬نفس‭ ‬مهام‭ ‬الشرطة‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬جماعات‭ ‬الأمر‭ ‬بالمعروف‭ ‬والنهي‭ ‬عن‭ ‬المنكر‭ ‬الموجودة‭ ‬بالسعودية‭ ‬وبإيران‭ ‬بدافع

الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬قيم‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭. ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتدين‭ ‬المتطرفين‭ ‬يفهمون‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬فهما‭ ‬خاطئا،‭ ‬فأفكارهم‭ ‬متطرفة‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بجوهر‭ ‬وبروح‭ ‬الإسلام‭ ‬الذي‭ ‬يجرم‭ ‬انتهاك‭ ‬الحرمات‭ ‬والسب‭ ‬والقذف‭ ‬والتشهير‭ ‬بالغير‭ ‬والتعذيب‭ ‬والتمثيل‭ ‬بجسد‭ ‬الغير‭ ‬والترهيب‭.‬

وهنا‭ ‬نسوق‭ ‬واقعة‭ ‬لعمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬(أخرجها‭ ‬الخرائطي‭ ‬في‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق)‭: ‬‮«‬إن‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬كان‭ ‬يعس‭ ‬بالمدينة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬فسمع‭ ‬صوت‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬يتغنى،‭ ‬فتسور‭ ‬عليه،‭ ‬فوجد‭ ‬عنده‭ ‬امرأة،‭ ‬وعنده‭ ‬خمرا،‭ ‬فقال‭: ‬يا‭ ‬عدو‭ ‬الله،‭ ‬أظننت‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يسترك‭ ‬وأنت‭ ‬على‭ ‬معصيته؟‭ ‬فقال‭: ‬وأنت‭ ‬يا‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين،‭ ‬لا‭ ‬تعجل‭ ‬على،‭ ‬إن‭ ‬أكن‭ ‬عصيت‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬واحدة،‭ ‬فقد‭ ‬عصيت‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬ثلاث،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬ولا‭ ‬تجسسوا،‭ ‬وقد‭ ‬تجسست،‭ ‬وقال‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬وليس‭ ‬البر‭ ‬بأن‭ ‬تأتوا‭ ‬البيوت‭ ‬من‭ ‬ظهورها،‭ ‬وقد‭ ‬تسورت‭ ‬علي‭ ‬ودخلت‭ ‬علي‭ ‬من‭ ‬ظهر‭ ‬البيت‭ ‬بغير‭ ‬إذن،‭ ‬وقال‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬لا‭ ‬تدخلوا‭ ‬بيوتا‭ ‬غير‭ ‬بيوتكم‭ ‬حتى‭ ‬تستأنسوا‭ ‬وتسلموا‭ ‬على‭ ‬أهلها،‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬بغير‭ ‬سلام‭. ‬قال‭ ‬عمر‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭: ‬فهل‭ ‬عندك‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬إن‭ ‬عفوت‭ ‬عنك؟‭ ‬قال‭: ‬نعم،‭ ‬والله‭ ‬يا‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين،‭ ‬لئن‭ ‬عفوت‭ ‬عني‭ ‬لا‭ ‬أعود‭ ‬لمثله‭ ‬أبدا،‭ ‬قال‭: ‬فعفا‭ ‬عنه،‭ ‬وخرج‭ ‬وتركه‮»‬‭.‬

توصيف‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مثليي‭ ‬بني‭ ‬ملال‭ ‬بجريمة‭ ‬الاضطهاد‭:‬

الواقع‭ ‬أن‭ ‬احتجاز‭ ‬شخص‭ ‬وتعذيبه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬غالبا‭ ‬مبرر‭ ‬أو‭ ‬دافع‭ ‬كتصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬اعتداء‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سياسة‭ ‬(العين‭ ‬بالعين‭… ‬والبادئ‭ ‬أظلم)‭‬،‭ ‬هكذا‭ ‬يكون‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليه‭ ‬بغرض‭ ‬تحصيل‭ ‬منفعة‭ ‬مادية،‭ ‬وهذه‭ ‬الواقعة‭ ‬تعد‭ ‬جريمة‭ ‬حسب‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬المغربي‭ ‬ويعاقب‭ ‬عليها‭ ‬حسب‭ ‬الفصلين‭ ‬التاليين‭: ‬

الفصل‭ ‬436‭:‬

‮«‬يعاقب‭ ‬بالحبس‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬إلى‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يختطف‭ ‬شخصا‭ ‬أو‭ ‬يقبض‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬يحبسه‭ ‬أو‭ ‬يحجزه‭ ‬دون‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬المختصة،‭ ‬وفي‭ ‬غير‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬يجيز‭ ‬فيها‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬يوجب‭ ‬ضبط‭ ‬الأشخاص‮»‬‭.‬

الفصل‭ ‬437‭:‬

‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الاختطاف‭ ‬أو‭ ‬القبض‭ ‬أو‭ ‬الحبس‭ ‬أو‭ ‬الحجز‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬مرتكبيه‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬رهائن‭ ‬إما‭ ‬لإعداد‭ ‬أو‭ ‬تسهيل‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬أو‭ ‬جنحة‭ ‬وإما‭ ‬لتيسير‭ ‬هروب‭ ‬مرتكبي‭ ‬الجناية‭ ‬أو‭ ‬الجنحة‭ ‬أو‭ ‬إفلاتهم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬كانت‭ ‬العقوية‭ ‬يالسجن‭ ‬المؤبد‭.‬

وكذا‭ ‬الشأن‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬أمر‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬شرط‭ ‬ولاسيما‭ ‬أداء‭ ‬فدية‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬احتجاز‭ ‬وتعذيب‭ ‬مثليي‭ ‬بني‭ ‬ملال‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬دافع‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬اقتصادي‭ ‬يحرك‭ ‬أولئك‭ ‬المعتدين‭ ‬عليهما‭. ‬هكذا‭ ‬فنحن‭ ‬نجهل‭ ‬ما‭ ‬يروج‭ ‬في‭ ‬أذهانهم‭: ‬وبذلك‭ ‬تبقى‭ ‬تلك‭ ‬الاعتداءات‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬والتصعيد‭ ‬والمبالغة‭ ‬في‭ ‬العنف‭ ‬والتعذيب‭ ‬والتمثيل‭ ‬بالجسد‭ ‬وقد‭ ‬يصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬القتل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الضحية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يجهل‭ ‬كيف‭ ‬سيتم‭ ‬إنقاذه،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يتصور‭ ‬إمكانية‭ ‬إنقاذه‭ ‬وإفلاته‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التعذيب‭ ‬لأنه‭ ‬أصلا‭ ‬غير‭ ‬مطالب‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المعتدي‭ ‬عليه‭ ‬بفدية‭ ‬أو‭ ‬بتحويل‭ ‬ملكية‭ ‬أو‭ ‬بتسديد‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬بتحقيق‭ ‬أي‭ ‬شرط‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬بالمنفعة‭ ‬على‭ ‬المعتدي،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يزكي‭ ‬لديه‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬فار‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬به،‭ ‬لأن‭ ‬إيقاف‭ ‬تعذيبه‭ ‬غير‭ ‬متوقف‭ ‬على‭ ‬تحقق‭ ‬منفعة‭ ‬مادية‭ ‬أو‭ ‬مالية‭ ‬لصالح‭ ‬المعتدي،‭ ‬فالدافع‭ ‬هنا‭ ‬عقائدي‭ ‬سواء‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬عرقي‭ ‬أو‭ ‬ثقافي‭ …‬إلخ‭.‬

كما‭ ‬وتظل‭ ‬حدود‭ ‬هذا‭ ‬التعذيب‭ ‬غير‭ ‬معروفة،‭ ‬فهي‭ ‬موسومة‭ ‬بهيجان‭ ‬سلوكي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬المعتدي‭ ‬وبتطرف‭ ‬في‭ ‬انتقاء‭ ‬وإنزال‭ ‬أساليب‭ ‬اعتداء‭ ‬بشعة‭ ‬على‭ ‬الضحية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فهذا‭ ‬المعتدي‭ ‬الهائج‭ ‬والمتطرف‭ ‬الذي‭ ‬يضطهد‭ ‬الضحية‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬أو‭ ‬يسجل‭ ‬ويوثق‭ ‬اعتداءاته‭ ‬هذه‭ ‬ويعرضها‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬يضطهد‭ ‬الضحية‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬يضطهد‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فيمس‭ ‬بذلك‭ ‬بالحريات‭ ‬الشخصية‭ ‬وبالتالي‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬يصير‭ ‬الأمر‭ ‬متعمدا،‭ ‬بمعنى‭ ‬تصيّد‭ ‬الفرص‭ ‬لاضطهاد‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬اضطهاد‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فزعا‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس‭ ‬فهم‭ ‬يصبحون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ترقب‭ ‬وتخوف‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬لذات‭ ‬الموقف‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬مجتمعنا‭ ‬يغزوه‭ ‬مجرمون‭ ‬متطرفون‭ ‬لهذه‭ ‬الدرجة‭.‬

والأكيد‭ ‬أننا‭ ‬إن‭ ‬أخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬نفسية‭ ‬الضحية‭ ‬التي‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬المعتدي‭ ‬لا‭ ‬يبتغي‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬اعتداءاته‭ ‬وعنفه‭ ‬تحقيق‭ ‬منفعة‭ ‬مادية،‭ ‬والتي‭ ‬تعي‭ ‬جيدا‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬لهذا‭ ‬العنف،‭ ‬فإننا‭ ‬سنخلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الضحية‭ ‬سترغب‭ ‬إما‭ ‬في‭ ‬الهرب‭ – ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬صعب‭ ‬جدا‭ ‬نظرا‭ ‬لواقعة‭ ‬الاحتجاز‭ ‬والتعنيف‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬–‭ ‬أو‭ ‬سترغب‭ ‬في‭ ‬استدعاء‭ ‬وحضور‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬حتى‭ ‬توقف‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬(الضحية)‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬ودراية‭ ‬بأن‭ ‬القانون‭ ‬يجرم‭ ‬أفعالها‭ ‬وخير‭ ‬لها‭ ‬ألا‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬الشرطة،‭ ‬لكن‭ ‬بشاعة‭ ‬ما‭ ‬يمارس‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وتعذيب‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬معتد‭ ‬متطرف‭ ‬قد‭ ‬يقدم‭ ‬على‭ ‬قتلها‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭ ‬تدفعها‭ ‬لاختيار‭ ‬الوقوع‭ ‬تحت‭ ‬قبضة‭ ‬جهاز‭ ‬تحكمه‭ ‬قواعد‭ ‬قانونية‭ ‬ترسم‭ ‬حدود‭ ‬المتابعة‭ ‬والعقوبة‭ ‬بدل‭ ‬البقاء‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬آلة‭ ‬متطرفة‭ ‬لا‭ ‬تنتج‭ ‬إلا‭ ‬العنف‭ ‬والتعذيب‭.‬

وتأسيسا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬خلصنا‭ ‬إلى‭ ‬توصيف‭ ‬الاعتداء‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬مثليي‭ ‬بني‭ ‬ملال‭ ‬بجريمة‭ ‬الاضطهاد‭ ‬لما‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬من‭ ‬أفعال‭ ‬جرمية‭ ‬متعددة‭ ‬أغلبها‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬جنائية،‭ ‬ونظرا‭ ‬لعدم‭ ‬تعلقها‭ ‬على‭ ‬شرط‭ ‬يوقفها‭ ‬أو‭ ‬منفعة‭ ‬مادية‭ ‬تتحقق‭ ‬للمعتدي‭ ‬وتصرفه‭ ‬عن‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمته‭ ‬أو‭ ‬التوقف‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬معينة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلنا‭ ‬نتجاوز‭ ‬تكييفها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جريمة‭ ‬متعددة‭ ‬كما‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الفصلين‭ ‬الآتيين‭:‬

الفصل‭ ‬119‭:‬

‮«‬تعدد‭ ‬الجرائم‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬ارتكاب‭ ‬شخص‭ ‬جرائم‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬متوالية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفصل‭ ‬بينها‭ ‬حكم‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للطعن‮»‬‭.‬

والفصل‭ ‬120‭:‬

‮«‬في‭ ‬حالة‭ ‬تعدد‭ ‬جنايات‭ ‬أو‭ ‬جنح‭ ‬إذا‭ ‬نظرت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬واحدة،‭ ‬يحكم‭ ‬بعقوبة‭ ‬واحدة‭ ‬سالبة‭ ‬للحرية‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬مدتها‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬المقرر‭ ‬قانونا‭ ‬لمعاقبة‭ ‬الجريمة‭ ‬الأشد‮»‬‭.‬

المطالبة‭ ‬بتضمين‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬المغربي‭ ‬لجريمة‭ ‬الاضطهاد‭:‬

بناء‭ ‬على‭ ‬ارتكازنا‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬الاجتماعي‭ ‬السلبي‭ ‬للاعتداء‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬يمارسون‭ ‬حرياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أشخاص‭ ‬عنيفين‭ ‬متطرفين‭ ‬تحركهم‭ ‬دوافع‭ ‬عقائدية‭ ‬تجعلهم‭ ‬يستأثرون‭ ‬بسلطة‭ ‬تنزيل‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬ضحاياهم‭ ‬العنف‭ ‬فيها‭ ‬والتعذيب‭ ‬غير‭ ‬محدودين‭.‬

وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬تفكيكنا‭ ‬للعناصر‭ ‬التركيبية‭ ‬لجريمة‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مثليي‭ ‬بني‭ ‬ملال،‭ ‬فإن‭ ‬جمعية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭:‬

  • ‭ ‬تحمل‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬مسؤولية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الماسة‭ ‬بالحالة‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭ ‬والأمنية‭ ‬للضحايا‭ ‬وللمجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

  • ‭ ‬تطالب‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬بتجريم‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬وتكييفها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جريمة‭ ‬جديدة‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬الاضطهاد‮»‬‭ ‬وإدخالها‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬الجنائية‭ ‬المغربية‭.‬

  • ‭ ‬تطالب‭ ‬الجمعيات‭ ‬الحقوقية‭ ‬وكل‭ ‬القانونيين‭ ‬بفتح‭ ‬نقاش‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬الماسة‭ ‬بالحريات‭ ‬الشخصية‭.‬

‭                                                                                                         ‬إمضاء‭: ‬لحبيب‭ ‬حاجي

‭                                                                                                          ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان